الضغوطات النفسية وكيفية التعامل معها
تظهر مدى أهمية معرفة ماهي الضغوطات النفسية وكيفية التعامل معها، عندما تدرك تلك الآثار الناتجة كردود فعل انفعالية وجسمانية وعقلية من المشاعر السلبية او الاعراض الجسمانية كالأمراض الناتجة عن الضغط النفسي مثل القرحة واضطرابات المعدة وسرعة ضربات دقات القلب الصداع الشديد والشقيقة وارتفاع ضغط الدم و الآم الظهر.
كل ذلك يظهر نتيجة تعرض الانسان لعدد متكرر من الضغوط النفسية لعدة مرات متكررة لدرجة يصعب عليه تحملها او مواجهتها، وبالتالي تظهر عليه ردود فعل انفعالية وجسمية وعقلية مثل تلك المشاعر السلبية و الاعراض الجسمية ناتجه عن عجزه للتعامل مع تلك المواقف والأفكار والاحداث التي يشعر معها بالتوتر والقلق نظراً لإدراكه انها تفوق قدرته وامكانياته في التعامل الجيد معها.
في هذه المقال سنتعرف على ماذا يحدث للجسم اثناء الضغوط، كما ذكرنا أنواع الضغوط النفسية ومراحل الضغط النفسي، كما بينت المقال الأساليب الإيجابية والسلبية في التعامل مع الضغوطات النفسية، وأخيرا ذكرت المقال مجموعة من الاستراتيجيات المنطقية لمواجهة الضغوطات النفسية وكيفية التعامل معها.
ماذا يحدث للجسم اثناء الضغوط
يظهر لنا مدى تأثير الضغوطات النفسية على حياة الفرد وضرورة تعاملنا معها، من خلال انعكاس اثارها السلبية على صحته النفسية و الجسمية، لذلك فإن كثرة التعرض لهذه الضغوط باستمرار يؤدي الى حدوث متطلبات فسيولوجية او اجتماعية او انفعالية او نفسية او جميعها معاً، وكل هذا يقود الفرد الى ان يستجمع كل طاقاته في سبيل مواجهة هذه الضغوط.
وهنا يكون ثمن ذلك تلك الاعراض الفسيولوجية التي تظهر من اجل الدفاع عن الذات والمحافظة على الحياة، و لأن هذه الضغوطات هي رد فعل عند الشعور بالخوف، لذلك فإن المخاوف النفسية ينتج عنها ردود فعل عاطفية، ترافقها استجابات نفسيه حركيه تثير الجهاز السمبثاوي والذي تظهر نتيجة استثارته الاعراض الجسمية التالية:
- يزداد معدل التنفس.
- ويزداد ضربات القلب.
- يرتفع. ضغط الدم.
- تتسع حدقة العين.
- يزداد معدل السكر في الدم.
كل ذلك يساهم استنفاذ طاقة الانسان المناعية في مقاومة والتصدي للأمراض.
أنواع الضغوط النفسية
وهنا تظهر لنا ثلاثة أنواع للضغوط النفسية كما بينها العالم هانز سيلي حيث قسم هذه الأنواع للضغوط النفسية في الحياة العملية:
1 – عوامل الضغط الجسدي: والتي تسببها الاحداث المزعجة من الحوادث والألآم الجسدية.
٢ – عوامل الضغط النفسي: من القلق و الانفعال و الخوف بأنواعها، أيضا من الإرهاق الفكري بالتفكير الزاًئد.
٣ – عوامل الضغط الاجتماعي: مثل تلك الصراعات المهنية و العلاقات الاجتماعية السيئة و الميل الى العزلة.
كل تلك الأنواع الثلاث من الضغوط النفسية و التي تظهر آثارها كضغوطات فسيولوجية او انفعالية او اجتماعية.
مراحل الضغط النفسي
لكي نستطيع ان نفهم سبب حدوث الضغوطات النفسية وكيفيه التعامل معهاـ لابد ان نتعرف أولاً على المراحل التي يمر بها الضغط النفسي، حيث انه فسرت العديد من النظريات هذه الضغوطات النفسية الى عدة تفسيرات مختلفة، وذلك تبعا للمدرسة التي يتبناها كل عالم نفسي، والتي كان من ضمنها ما جاء في نظرية العالم هانز سيلي التي تذكر بان استجابات الانسان للضغط تمر بثلاث مراحل:
- مرحلة الإنذار بالخطر: و التي يظهر فيها الجاهزية و الاستعداد للتعامل مع الضغوطات.
- مرحلة المقاومة: الدرجة القصوى التي يصل اليها الفرد حتى يستطيع التحمل.
- مرحلة التمادي: حيث تنتهي مرحلة المقاومة والتي تكون عند درجة الوصول الى التكيف او الانهاك.
و من هنا يمكننا التعرف على هذه المراحل بالتفصيل كما يلي:
1 – مرحلة الإنذار بالخطر:
يدرك فيها الفرد مدى خطورة الموقف المحيط به او الذي يعيشه حالياً، و بالتالي تنشأ لديه عدة دفاعات جسمية استجابة لهذا الموقف أو الحدث المحيط به، و كل ذلك من اجل اتخاذ موقف الدفاع، فتنشط آلية التكيف لديه كما تنشط الدفاعات الفسيولوجية و التي من ضمنها تلك التغيرات الفسيولوجية التي ينتج عنها: افراز هرمون الأدرينالين في الجسم، و زيادة ضربات القلب و ضغط الدم، بالإضافة الى حدوث اضطرابات معوية ومعديه و ضيق في التنفس.
2 – مرحلة المقاومة:
تتم فيها محاولة مقاومة الفرد لهذه للضغوطات، فهو يستطيع المقاومة في حالة ان الإمكانيات لديه كافية لهذه المقاومة، اما ان كانت على العكس من ذلك، أي في حال كانت إمكانيات الفرد على المقاومة للضغوطات قليلة، فإنه بالتالي تكون قدرة الجسم غير كافيه للمقاومة و عليه بسبب ذلك تنشأ الاضطرابات السيكوسوماتيه.
٣ – مرحلة الانهيار:
والتي تنتج بسب من ضعف المقاومة وكثرة الضغوط المتزايدة، لدرجة تزيد معها كثرة الاستخدام المستمر لمكانزمات أو آليات التكيف التي تؤدي الى انهاك العوامل الضاغطة لهده الميكانزمات و استهلاك الطاقة فتخفض قدرة الفرد على القيام بمواجهة الضغوط فيصاب الانسان بالأمراض.
ومن خلال المرور بهذه المراحل تتحول الضغوطات النفسية في المرحلة الثالثة الى اضرار جسمية قد تختلف في حدة خطورتها من شخص الى اخر بناء على عوامل أخرى متعددة، لذلك ومن خلال معرفة التدرج في الاستجابات الفسيولوجية الثلاثة من هذه المراحل نستطيع ان نفهم آلية حدوث الضغوطاتِ النفسية لنعرف كيفية التعامل معها بحذر.
تشير الإحصاءات العالمية بان ٨٠٪ من الامراض الحديثة سببها الضغوط النفسية
طرق تفريع الضغط النفسي
هنالك طريقتين للتعامل مع الضغوط النفسية من خلال اتباع استراتيجية التفكير الإيجابية او الاستراتيجيات السلبية والتي يتم من خلالها تفريغ الضغط النفسي، ومن خلال اتباع طريقة الأساليب الإيجابية والتي يستطيع من خلالها الشخص ان يصل الى أسلوب حل المشكلة، بينما اعتماد استراتيجية السلبية تظهر على العكس من ذلك كما يلي:
1 – الأساليب الإيجابية التي يستخدمها الفرد في التعامل مع الضغوطات:
- القيام بالتحليل المنطقي للضغوط ومحاولة فهمها بغية التعرف على العوامل الأنسب في التعامل من خلال التكيف او التوافق معها.
- إعادة صياغة الموقف بإيجابية أكثر، بغرض استيعاب الموقف و إعادة البناء بطريقة إيجابية لمحاولة تقبل الواقع كما هو .
- المحاولة لجمع المعلومات المتعلقة بسبب حدوث الموقف سواء من طلب مساعدات الاخرين او قصد الأماكن لمؤسسات المجتمع التي من المتوقع ارتباطها بالموقف الضاغط، لتقديم المساعدة او الدعم.
- تبني أسلوب حل المشكلة وذلك نتيجة لاعتياد التعامل المباشرة مع الموقف لمحاولة التصدي للمشكلة منذ بداياتها.
2 – الأساليب السلبية التي يستخدمها الفرد في التعامل مع الضغوطات:
وهي تلك الأساليب التي يستخدمها الفرد سواء كانت بقصد او من دون وعي خوفاً من المواجهة في التعامل مع الموقف من خلال أساليب التجنب او محاولة صرف التفكير عنها بالنكران مثل:
- الاحجام المعرفي لتجنب التفكير الواقعي مع الازمه بأن لا يكلف نفسه عناء البحث عن سبب حدوث هذه الضغوط فيحجم عن معرفتها.
- التقبل الاستسلامي للازمة و اخضاع النفس للتقبل الواقع.
- الانشغال عن مواجهة الازمه بالأنشطة البدنية التي يلجا اليها كمهرب من مواجهة واقع الضغوط.
- بث مشاعره السلبية من خلال التعبير اللفظي عنها بغرض التنفيس و التفريغ الانفعالي او من خلال التعبير الفعلي من بذل الجهود التي يقوم بها الفرد بهدف التخفيف من حدة هذا التوتر او الانفعال.
وجميع تلك الأساليب السلبية في التعامل مع الضغوطاتٍ النفسية، لا تخفف من حدة هذه الضغوط النفسية بل بالعكس من ذلك، فهي قد تزيد من فرصة تكرار حدوثها مرة أخرى، فعندما لا يتم التعامل الصحيح معها فيستمر اثر هذا التعامل السلبي في حدوث تراكمات عديدة من الضغوط النفسية.
مجموعة من الاستراتيجيات المنطقية لمواجهة الضغوطات النفسية وكيفية التعامل معها
ماهي أول خطوة في التعامل مع الاجهاد النفسي؟ يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال هذه المجموعة من الاستراتيجيات التي قدمها العالم كوهين من خلال استراتيجيات التفكير المنطقي للتعامل مع الضغوطات النفسية من خلال الاستراتيجيات التالية:
- التفكير المنطقي : وهنا يمكن ان يبحث منها الفرد ما هو السبب الرئيسي في حدوث هذه الضغوط.
- استراتيجية التخيل : قدرة الفرد على رسم تخيل للأحداث التي من الممكن ان يصادفها في المستقبل ومحاولة التفكير في التعامل معها.
- استراتيجية الانكار: يحاول الفرد انكار هذه الضغوط وكأنها لم تحدث أصلاً محاولة منه بالتجاهل و الانغلاق و كآنها لم تحدث على الاطلاق، والتي يمكن ان نعتبرها أيضا استراتيجية تصغير الأمور أو الاحداث.
- استراتيجية حل المشكلة: من خلال العصف الذهني ومحاولة ابتكار حلول جديدة او من خلال تجربة خبرات اختبار خبرات سابقة من خلال تعامل الفرد جهده الشخصي في حل الموقف.
- استراتيجية تلطيف المواقف: ذلك من خلال روح الفكاهة في التعامل مع هذه الضغوط بروح مرحه من خلال الدعابة او أسلوب المزاح للعمل على إزاحة أثر هذه المواقف من الشعور بالتوتر الى الاستسهال وهذه نطره إيجابية تخفف من حدة الضغوطات.
- الروحانية من الرجوع الى الايمان بالله مدبر هذا الكون والذي نستمد منه القوه والصبر على كل ما نشعر به من التقرب بالصلاة والقرب منه بالرضا بالقضاء وطمأنينة الروح بالأيمان بالخالق عز وجل.
وهذه كانت ستة استراتيجيات منطقية للتعامل مع الضغوطات النفسية وان كان الرجوع الى الله أول سبب في تخفيف حدة هذه الضغوط، كما ان مساعدة الانسان لنفسه على تبني أسباب منطقية تقوده للتعامل بعقلانية اكثر مع هذه المواقف من الانفعال، و للمزيد اقرأ هنا.
الخاتمة: تناولت هذه المقالة اهم الاستراتيجيات المنطقية للتعامل مع الضغوطات النفسية، كما بينت ضرر الضغط النفسي على جسم الانسان ، وتطرقت الى مراحل حدوث الضغوطات النفسية وانواعها، وأخيرا ماهي طرق التفريغ النفسي.