3 مراحل لحب الذات قبل العلاقات.
حب الذات هو ذلك الحب الفطري الطبيعي الذي يولد مع كل انسان، فينمو هذا الحب ويستمر طيلة حياتنا الا انه يبدأ بالتناقص التدريجي حتى يصل الى اقل مستوى له في حالة تسمى انعدام تقدير الذات،
و لأن هذا النقص غالباً ما يكون بسبب خارج عن ارادتنا، أي ان قلة هذا التقدير تكون امراً مكتسباً وهذا الأمر غير طبيعي، الا انه يمكننا إعادة بناء هذا الحب للذات حتى يصل الى مستواه الطبيعي من خلال ادراك ثلاثة مراحل لحب الذات يمر بها وهي: مرحلة البحث عن الاكتفاء الذاتي، ثم مرحلة البحث عن الاكتفاء من خلال تقدير الأخرين، ثم مرحلة البحث عن الاكتفاء من خلال تقديرك انت لذاتك والمرحلة الأخيرة هي الحصول على الاكتفاء الذاتي .
ما هو حب الذات؟
ان محبة الذات ما هو إلا ذلك الجزء من تلك الاحاسيس و المشاعر التي تعطينا شعوراً بالاكتفاء الداخلي و الاطمئنان الى الذات ومحبتها والاستئناس بها و الخلو معها دون الشعور بالخوف او الجزع من فكرة الوحدة مع النفس ومحاولة التهرب من الاختلاء مع الذات،
يعبر حب الذات عن تلك الثقة بالنفس وبقدراتها التي تساعدنا في اتخاذ القرارات الصحيحة والحاسمة في حياتنا،
كما ان حبك لذاتك يعتبر هو الوقود الذي يدفعك لتقدير كل عمل تقوم به او كل انجاز تحققه.
باختصار حب الذات هو ذلك الداعم الحقيقي لحفظ الطاقة النفسية والصحة البدنية.
فأيما كانت التسمية له سواء كنا نطلق عليه بحب الذات او تقدير الذات او الثقة بالذات
وإن كان جميعها يدل على العديد من الكلمات التي وإن اختلفت معانيها قليلاً إلا انها لاتزال تشير عند الأغلبية منا الى مفهوم واحد الا وهو حب الذات.
ان أعظم مشروع تسطيع أن تقدمه لذاتك كما انه يعتبر من أعظم المشاريع الهامة التي تستطيع أن تهديها لنفسك فتغير بها حياتك الى الأفضل هو ( حبك لذاتك )
(( انتبه ! عندما لا تملك القدر الوافي من الاكتفاء الذاتي سيسهل على الكثيرين استغلالك ))
لأنك تظن انك غير قادر على الوصول الى الكفاية الذاتية الا عندما تقدم رضى الاخرين على رضا ذاتك
لأنه حينما تقوم بذلك فإن اثره سينعكس على مشاعرك عندما تنال منهم مشاعر الرضا والاستحسان بسبب ما تقدمه لهم.
فأنت بذلك تعمل على اشباع وتعويض جانب النقص فيك من حبك انت لذاتك الى حب الاخرين لذاتك و الذي سيعطي شعوراً بالقبول للذات من خلال محبتك لتقديم المساعدة للأخرين فتتوقع الحصول على محبتهم ورضاهم والذي يأتي معها اثبات لنفسك عن مدى أهمية ذاتك و مكانتها امام الآخرين وبانك شخص ذو فائدة.
إلا أنه في الحقيقة انت مع كل هذه المحاولات تسعى الى الحصول على هذه المشاعر لنفسك لتكسب الرضا عنها وترفع تقدير الذات لها ))
وبالرغم من انه يظهر تأثير ذلك على نفسك من خلال لغة الجسد، و التي تبين مدى قلة الثقة والاكتفاء بالذات والتي تعكس مدى وجود كفاية دائمة او كفاية مؤقته.
ما هو حد الكفاية الدائمة و الكفاية المؤقتة ؟
الكفاية المؤقتة هي تلك الكفاية التي يميل فيها الشخص الى اشباع نقص داخلي في ذاته من خلال الانضمام لمجموعة تقوم ببعض السلوكيات التي فيها دافع حب السيطرة و النفوذ على الغير،
فعلاً وان كان يعكس مبادئ هذا الأنسان ،فهو لا يتجرأ على القيام بالعنف لوحده كما انه قد لا يكون على قناعة بصحة ذلك الأمر أصلا الا ان ميله للشعور الى حب السيطرة والهيمنة والظهور من خلال الانضمام للجماعة التي تعطيه هذا التقدير و الذي لا يستطيع هو القيام به بنفسه ،
فيترك لهذه الجماعة مهمة القيام بالعنف او التنمر، فقط ليكتسب مشاعر القوة والسيطرة، وكل ذلك لتغطية مشاعر النقص التي تظهر من قلة تقديره وحبه لذاته
الا انه شعور مؤقت و سرعان ما يزول ويختفي.
والهدف هنا من حب الذات بأنه تعديل لهذا الخلل بإحلال وترسيخ مبدأ الكفاية الذاتية الدائمة.
مراحل الانتقال الى حب الذات:
لماذا نبحث حب الذات من خلال الاكتفاء الذاتي؟
لأننا نصل الى تلك المرحلة التي يمكننا التعبير عنها بمبدأ (( لقد اكتفيت الآن )) من كل شيء حولنا ولا نملك السيطرة عليه
لقد اكتفيت من تلك الظروف القاسية، لقد اكتفيت من تلك المساحة الضيقة التي أسير فيها باستمرار، لقد اكتفيت من الألم، لقد اكتفيت من كل شيء..
و في هذه المرحلة سيظهر لك حقاً بأنك مكتفي من كل تلك الأحداث التي تخرج فيها الأمور عن مجال سيطرتك عليها ، إلا أنه لابد لك ان تدرك بأنك لاتزال تمتلك ذلك الشيء الوحيد و الذي تستطيع أن تغير به كل ما حولك من خلال الادراك بإمكانية السيطرة على نفسك
لأنه في الحقيقة انت تملك بداخلك كل القوى التي تستطيع من خلالها تغيير الأمور من حولك إلى الأفضل ، وكل ذلك يحدث فقط اذا استطعت أن تعرف ذاتك الحقيقة و تقدرها وتحترمها.
إن البرمجة التي ننشأ عليها منذ طفولتنا تقودنا الى تشويه للذات في انفسنا من دون قصد ممن يقومون على تربيتنا و يهتمون لأمرنا سواء كانوا من الآباء او المربين الذين يخفقون في ذلك نتيجة للتربية التي نشأوا عليها،
ففي مرحلة الطفولة عندما يراك ذلك المربي بأن تصرفك هذا ( غير كافي ) من خلال الحكم على افعالك او سلوكياتك ناقصة أو غير جيده كفاية، فإن ذلك سرعان ما ينعكس على نظرتك الطفولية لذاتك والتي تفهم من خلالها بأن كل ما تقوم بفعله غير جيد لأنه لم تصل الى حد الكفاية في نظر الآباء او المدرسين
فلا تستطيع تنفيذ كل ما يقال لك على اكمل وجه و دائماً ما تقع في الأخطاء غير المرغوبة ، لذلك يحكم عليك منذ الصغر بأنك شخص فاشل او على درجه متدنية من الذكاء او غير ذلك مما يقال لك كطفل لازال يلهو ويتعلم الكثير الا انه ينهال عليه اللوم من قبل الكبار ممن حوله بسبب ما يصدر منه من افعاله او سلوكياته وليس بسبب من ذاته.
و يتكرر معه ذلك حتى تتعمق هذه الفكرة عن ذاته ( بأنه شخص غير كفؤ ) فترسم في ذهنه صوره النقص عن ذاته حتى تصل الى قناعاته الدائمة بأن كل ما يقال عنه صحيح فهو فاشل او ليس ذكياً كفاية للإنجاز وطبعا كل ذلك سينتج عنه قلة التقدير لذاته وجلد للذات منذ الصغر والذي يمتد معه حتى مراحل متقدمة من عمره
فينشأ على قدر كبير من الحكم على الذات بالدونية وعدم الكفاية ومنها يحمل قلة التقدير و الحب لذاته،
1 ـ مرحلة البحث عن الاكتفاء: من تقدير الآخرين لك
وإن كانت هذه المرحلة قد تأتي متأخرة من خلال خبرات السنوات المتراكمة والتي يصل معها الإنسان عند مرحلة متأخرة من حياته الى هذه القناعة من الاكتفاء،
فلم يعد يهتم لرأي الآخرين الصادر تجاهه ، او مدى رضاهم عنه، وتزهد في البحث عن محبتهم، كل ذلك لم يعد مهما في هذه المرحلة لأنه استطاع ان يحب ذاته ويتقبلها كما هي ويتسامح مع هفواتها ويقدرها ويحترمها مع كل ما بها من عيوب، انها مرحلة الرضا عن الذات.
إلا أننا نستطيع الحصول على هذا الاكتفاء الذاتي من خلال تعلم كيفية السيطرة على
المساحة التي تتخذ منها القرارات ، والتي تنشأ فيها العلاقات ، حتى نقدر على تحقيق كل تطور نسعى اليه في حياتنا سواء المهنية او الاجتماعية كما السعي للحصول على فرص عمل جديدة أو الحصول على الاحترام من نوع مختلف
2 ـ مرحلة البحث عن الاكتفاء: من تقديرك أنت لذاتك
في هذه المرحلة يصل الانسان الى درجة من الإدراك الذي يكتفي معه عن البحث عن أي إعجاب يصدر من الآخرين تجاهه ،
فيتوقف عن تلك المحاولات لإرضاء كل من حوله أو الاهتمام بآرائهم ، أي أنه هنا يستطيع التوقف تماما من البحث عن رضا وقبول الآخرين ،
بل على العكس من ذلك تماما يبدأ هو بالاكتفاء بذاته ويبتعد معها عن كل هذه التصرفات التي يسأم من الاستمرار فيها في محاولة مستمرة وفاشلة فقط لإرضاء الآخرين من حوله حتى ولو كان على حساب نفسه،
فيدرك هنا في هذه المرحلة مدى أهمية الوصول إلى سلام داخلي مع نفسه، ولم يعد يهتم بما يقال عنه او بما يسمع، لأنه وصل الى مرحلة لم يعد يهتم فيها إلا بصوت نفسه الداخلي تجاه ذاته.
3 ـ مرحلة الوصول الى حب الذات عند الاكتفاء بالذات
متى سنصل الى هذه المرحلة من حب الذات ؟
عندما لا نبحث عن أي اعجاب من الناس بنا. لأنه عند هذه المرحلة سيرحل عنا أي شعور صادر عن تقدير خارجي من حولنا فلم يعد يهمنا ان يعجب كل الناس بنا ،
لأنه و ببساطة سيكون لدينا مخزون عالي جداً من السلام و الرضا الداخلي و الاعجاب بالذات لدرجة يصبح معها الانسان محباً لذاته و مقدراً لها، حتى انه لا يقسو عليها ، بل بالعكس عندما سيصبح متقبلاً لها بكل ما فيها من عيوب،
كما انه سيرى مدى انعكاس حب الذات ممن حوله عندما برى اعجاب ولقدير الاخرين له بسبب اكتفائه و محبته لذاته.