إدارة الذات

الراحة النفسية – أهم 3 أسباب

الراحة النفسية هي الغاية التي يبحث عنها كل شخص مجهد نفسياً محروم منها، فمتى يمكن لكل شخص قلق وخائف أن يجد ويحقق هذه الراحة النفسيه التي يفتقدها، بل لماذا أصلا يفتقد الكثيرون لها فلا يستطيعون الوصول اليها ؟

من البديهي عندما تتعطل أي آلة أو جهاز عن العمل أن نبحث عن الطريقة الصحيحة لصيانته واصلاحه، فنحن لا نستغرب من حدوث أي خلل أو عطل في أي جهاز على وجه الأرض، بل نتقبل حدوث ذلك ونسعى جاهدين ومقتنعين الى ضرورة إصلاحه وإلا فكيف يمكن ان يصلح هذا الجهاز نفسه بنفسه !

عندها سنراجع كتالوج التصنيع الخاص لنبحث عن أهم المشاكل و الأعطال، أو ببساطة سترجع الى الوكيل المسؤول عن المصنعية.

لكننا في المقابل نستغرب من أنفسنا عندما يصيبها التعطيل أو يمسها نوع الفتور والخلل فتقوم بدورنا في البحث عن حل، ولكن هذه المرة ليس عند المختص أو الوكيل الحقيقي بأمورنا كلها، انما نبحث عن العلاج عند بشر مثلنا تماماً.

المقصود هنا بالخلل الذي لا يمكن لأي مخلوق ان يتولى إصلاحه، لأنه ببساطة ليس لديه أي خبره بظواهره و خفاياه، أليس كان من الأولى بنا ان نتوجه الى الخالق مباشرة، فهو الذي صنعنا وخلقنا لنتعرف على السبب الحقيقي لهذا الخلل والتعب، فتعالوا لنتعرف على اهم ثلاثة أسباب تحقق لنا راحة نفسية اثناء رحلتنا في الحياة.

أهم ثلاثة أسباب للراحة النفسية في الإسلام:

لقد رسم الإيمان بالله للمسلمين خريطة للتعامل مع ذواتهم الداخلية أولاً ومع الظروف الخارجية التي تحدث امامهم والخارجة عن ارادتهم، وذلك من خلال ايمانهم بعدة مفاهيم يتعلموها ويطبقونها خلال مسيرة حياتهم عند اتباع و قراءة كتاب الله عز وجل ومنها:

جاء في الآية الكريمة في القران الكريم: الله سبحانه يقول لناس جميعا ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير – لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم .. ).

المؤمن بهذه الآية سيرتاح نفسياً، لأنه مقتنع ومدرك بأن كل ما حدث وما سيحدث هو في مسبقاً في كتاب عند الله سبحانه و تعالى، الله وحده العالم بكل ما يحدث من قبل ان يحدث فهو الخالق والمدبر، إذاً لن يحدث الا شيء قد علمه الله وسمح بحدوثه ولأنه الخالق الحكيم فأنت تؤمن بأن كل هذا لحكمة منه فتطمئن لذلك.

و هنا يحدث لك تصور مسبق بأن يعلم كل شيء وطلع على كل شيء فتطمئن لوجوده معك اكثر من تفكيرك بكل ما هو حولك، أو يمكن القول أن هناك قاعدة متينه توضح لنا الرضا من خلال الايمان والتسليم بالقضاء والقدر خيره وشره.

وان كانت كلمة الشر هنا دلالية اكثر من كونها وصفية، لان الانسان هو من يرى ان هذا الامر ليس خيراً بمجرد الحكم الذي يعكس انطباع الانزعاج وعدم رضا البشر لكراهة حدوث هذا الشيء و عدم تقبله بسبب انه شيء فضيع ومزعج.

وتلك النظرة محدودة وقاصرة لأن الخير قد يكون من خلال هذا الذي لا نرغبه، فكل ما يأمر به الله خير، ولن نعلم الحكمة منه الا بعد الانتقال الى الحياة الدائمة الآخرة، أو قد يظهر اثناء حياتنا فيما بعد وهو بصراحة لا نسعى الى تفسيره بقدر ان نسعى الى التسليم لله من خلال الرضى به.

من بسلم أمره لله فهو مسلم ليس عليه الا الاجتهاد بالعمل والسعي و بذلك يبذل الأسباب لحدوث الشيء بتوفيق من الله، أما إنجاح نفسه فليس هو المخول به، فيُسلّم بأن التوفيق من ربه فيطمئن اثناء تقدمه بالاستعانة بالرب.

فكما سبق من الآية السابقة فإن المسلم لا يحدد له دور في الحكم على الأشياء التي تحدث من حوله، انما هو يعمل من خلال التوكل على من يجري هذه الأمور والقادر على تصريفها، فهو يؤمن ويسلم ويدرك حقيقته بأنه انسان بشري لا يملك إلا ان يسعى ويتقدم بتوكل تام على الله الخالق.

فيبذل كل ما يستطيع من الأسباب التي يجدها كما انه يدعو ويستعين بربه لتوفيقه اليها، فتكون قريباً من الخالق و تحدثه فانت لا تنجح بدون توفيقه وهدايته، بالإضافة الى انه عند القيام بالعمل و بذل السبب مع الابتعاد عن القلق والخوف إنما يفوض إنجاح هذا العمل الى لله تماما، وذلك لأن نتائج الأعمال ليس بيد هذا الانسان المخلوق انما التوفيق وانجاح العمل مسألة إلاهية.

فإذا كنت شخصاً مفوضاً أمرك للخالق حتما ستكون دائماً في راحة، وذلك بسبب قناعتك التامة بأنك أنجزت وعملت كل ما يلزم و أما الباقي من التوفيق والنجاح فهو بيد الخالق، لذلك يطمئن بال كل من اختار تقويض أمره لله ويرتاح.

كل من يكون على علاقة متينه مع الله سبحانه وتعالى، فمتى يمكن ان نكون متعلقين بالله سبحانه؟ بغض النظر عما يحدث لك الآن وكيفما كان وضعك، تجد انك في هذه اللحظات تختار ان تكون فيها مع الله سبحانه وتعالى، فأنت تختار ان تحدث الله وتكلمه وتشكو اليه همك و حزنك وتتوجه اليه كل يوم في حياتك.

و تتوكل عليه و تدعوه، هنا حينما يكون تذكرك لله الخالق في كل وقت و في كل حين فلا تنساه، هنا عندها ستكون على تواصل دائم مع من خلقك، فلا تنقطع عن استحضار وجوده في حياتك وان كنت لا تستطيع ان تراه حقيقه إلا انك تستشعر وجوده و تؤمن به.

فأنت تستشعر وجود ربك في حياتك من خلال تدبيره لهذا الكون، مع كل ذلك حتما ستصل الى طريق المؤمن الذي يفسر كل حدث بأنه لسبب من الله وهو بذلك يتكر وجود سبب مباشر من ذات الفرد، فينسب كل ما توصل اليه من توفيق ونجاح الى الله سبحانه وتعالى.

لأتك تعلم بأن الله هو وحده الذي يمدك بالقوة وهو الذي أوجدك وهو الذي هداك، ومع كل هذا القرب والتوكل عليه لن تشتكي إلا له فلا تظهر شكواك لغيره، حتى تصل الى مرحلة من الاطمئنان في داخل نفسك مع الخالق أولاً وقبل أي شيء.

الخاتمة: و للوصول الى راحة النفس الحقيقية و التي يقصدها الجميع، هنالك طريق واحد آمن وهو التعلق و القرب من الله سبحانه وتعالى وادراك حقيقة رسالتك المطلوبة منك في هذه الحياة، فالرسالة العامة لجميع البشر هي مع الله من اعمار للأرض واصلاحها بحسن التعامل مع نفسك أولاً ثم مع من حولك ثانياً كل ذلك لتصل الى رضا ربك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى